النص الشرعي:
قال تعالى: "قُلْ تَعَالَوْا أَتْلُ مَا حَرَّمَ رَبُّكُمْ عَلَيْكُمْ ۖ أَلَّا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا ۖ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا ۖ وَلَا تَقْتُلُوا أَوْلَادَكُم مِّنْ إِمْلَاقٍ ۖ نَّحْنُ نَرْزُقُكُمْ وَإِيَّاهُمْ ۖ وَلَا تَقْرَبُوا الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ ۖ وَلَا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ ۚ ذَٰلِكُمْ وَصَّاكُم بِهِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ (152) وَلَا تَقْرَبُوا مَالَ الْيَتِيمِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ حَتَّىٰ يَبْلُغَ أَشُدَّهُ ۖ وَأَوْفُوا الْكَيْلَ وَالْمِيزَانَ بِالْقِسْطِ ۖ لَا نُكَلِّفُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا ۖ وَإِذَا قُلْتُمْ فَاعْدِلُوا وَلَوْ كَانَ ذَا قُرْبَىٰ ۖ وَبِعَهْدِ اللَّهِ أَوْفُوا ۚ ذَٰلِكُمْ وَصَّاكُم بِهِ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ(153)" (الأنعام:152-153)
القيم والأحكام المستفادة من الوصايا التسع:
1. وصايا للعاقلين:
- الشرك بالله: بدأ سبحانه هذه الوصايا بأكبر المحرمات وأفظعها وأشدها إفسادا للعقل والفطرة وهو الشرك بالله تعالى، وهو اتخاذ شريك مع الله في الربوبية أو في العبادة أو في الأسماء والصفات. (أَلَّا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا)
- عقوق الوالدين: عقب سبحانه على تحريم الشرك بتحريم عقوق الوالدين والأمر بالإحسان إليهما، وذلك لأن أعظم النعم على الإنسان في الدنيا هي نعمة الإيجاد، وتليها نعمة الوالدين اللذين هما السبب الظاهر في وجود الإنسان، وتربيته والشفقة عليه ورعايته منذ صغره. (وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا)
- قتل الأبناء: بعد الوصية بالوالدين، أوصى بالأبناء، فحرم قتلهم سواء كان القتل ماديا كالوأد خشية الفقر والعار (كالإجهاض في عصرنا لغير ضرورة)، أو القتل معنويا بإهمال تربيتهم وتعليمهم أمر دينهم. (وَلَا تَقْتُلُوا أَوْلَادَكُمْ مِنْ إِمْلَاقٍ نَحْنُ نَرْزُقُكُمْ وَإِيَّاهُمْ) إِمْلَاقٍ: فقر.
- فعل الفواحش: سواء كانت سرا أو علانية، كالحقد والحسد والغيبة والنميمة والزنا والسرقة والغش والربا والرشوة وغير ذلك مما يدخل في عموم الفاحشة. (وَلَا تَقْرَبُوا الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ)
- قتل النفس: إن قتل النفس من الفواحش، لكن الله عز وجل أفرده في هذه الآية لخطورة الجريمة وعظم فحشها، وليست مباشرة القتل وحدها هي الجريمة فقط، بل الإعانة على القتل بأي طريق أو وسيلة تعد قتلا، ولو بكلمة أو إشارة. (وَلَا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ) إِلَّا بِالْحَقِّ: إلا بجريمة توجب القتل.
2. وصايا للمتذكرين:
- حفظ مال اليتيم: وذلك بالمحافظة على ماله، وهذا يقتضي من كافل اليتيم أن يرعى ماله وينميه، وألا يضيعه بتبذير أو إسراف، حتى إذا بلغ اليتيم وكان راشدا غير سفيه سلمه ماله كله. (وَلَا تَقْرَبُوا مَالَ الْيَتِيمِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ حَتَّى يَبْلُغَ أَشُدَّهُ) والْيَتِيمِ: من فقد أباه قبل البلوغ.
- القسط في الكيل والميزان: وذلك بعدم انتقاص الحقوق في الكيل والميزان أخذا وعطاء، ومن القسط تجنب الربا والنصب والخداع في التعامل التجاري مع جميع الخلق، مسلمين وغير مسلمين. (وَأَوْفُوا الْكَيْلَ وَالْمِيزَانَ بِالْقِسْطِ) وَأَوْفُوا: اتموا، وبِالْقِسْطِ: بالعدل أي بلا نقص ولا زيادة.
- العدل في القول: بالتزام الحق والصدق في الأقوال والأفعال في كل الأحوال، مع القريب والبعيد، كانت نصيحة يبذلها المؤمن لأخيه، أو أمرا بمعروف أو نهيا عن منكر، أو أداء لشهادة. (وَإِذَا قُلْتُمْ فَاعْدِلُوا وَلَوْ كَانَ ذَا قُرْبَى) كَانَ ذَا قُرْبَى: كان من ذوي قرابتكم.
- الوفاء بالعهد: هو تمام أداء الحقوق والثبات عليه، وعهد الله أولى ما يوفى به، وعهود الخلق تابعة لعهد الله. (وَبِعَهْدِ اللَّهِ أَوْفُوا).
تعليقات
إرسال تعليق